“لهذا السبب اقفز” كتاب لا يشبه أي كتاب تقرأه. كما يقوم ديفيد ميتشل في تقديمه، كتاب يدعو مؤلفه ناووكي الى تصور حياتكم وقد حُرمتم فيها ملكة النطق، فلا دردشة مع صديق لأنها فوق حدود القدرة.
الكتاب يتحدث عن تجربة فكرية حول حالة تشكل واقع المؤلف المستمر، عن حالة “التوّحد” المستمرة لمدى الحياة، أي البقاء لمعظم المرضى تحت التخدير والبقاء الإجباري في مستشفى للأمراض العقلية، حيث يضطر المتوّحدون إلى قضاء حياتهم كلها في تعلّم كيفية محاكاة الوظائف، كما يقول ميتشل.
ويضيف ميتشل أن التوحد ليس بالمشوار السهل على أهل المتوّحد أو على من يتولون العناية به. ورغم رهبة التوّحد هناك أمل حيث أن النظرية الطبية لم تعد تلقي اللوم على الزوجة في التسبب بالتوّحد للأم الثلاجة أي الأم الباردة العواطف، كما أننا لم نعد نعيش في مجتمع يعتقد أن المتوّحدين سحرة أو شياطين، ويتم التعامل معهم على هذا الأساس.
ويطرح ميتشل السؤال التالي: إلى أين اللجوء؟ ويجيب قائلاً: الى الكتب، هناك الكثير منها، لكنه يستدرك، هناك فجوة بين النظرية وبين ما يُكتشف على أرض الواقع ولا يمكن ردمها. هناك كتب المذكرات، لا تساعد أيضاً، وأخيراً هناك كتب السير الذاتية لمرضة التوّحد. لكن لم تساعد أمام التحديات، التي وقف ديفيد ميتشل عاجزاً أمامها ولا يزال جاهلاً بالأسباب.
ووصله كتاب “ناووكي هيغاشيدا”، الذي يقول ميتشل إن الكتاب وضعه المؤلف عام 1992، وكان تلميذاً في المرحلة المتوسطة، وكان التوّحد جعل قدرة المؤلف على التواصل الشفهي مستحيلاً، ولكنه نجح في تعلّم الحروف الخاصة بالمتوحدين، وشبكة الأبجدية اليابانية ونظيرتها الإنكليزية. ويقول ميتشل إن ناووكي كان يتواصل مع الآخرين من خلال التأشير إلى حروف هذه الشبكات لهجاء الكلمات الكاملة، فيقوم بعدها المساعد الجالس إلى جانبه بكتابتها، وأنه كان في وسع ناووكي الكتابة والتدوين مباشرة على الكومبيوتر عبر لوحة المفاتيح لكن طريقته الأولى أفضل، وأقل قدرة على الإلهاء وتساعده على التركيز. كان يكتب ويقوم بتأليف الشعر وكتابة الروايات ويتواصل مع الآخرين بهذه الطريقة.
لقد استطاع “ناووكي هيغاشيدا” عبر كتابه “لهذا السبب أقفز” أن يعطي الإجابات المنتظرة، وأن يشكل توّحده بالحد الأدنى تحدياً وتغييراً جذرياً للحياة.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.